-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

الرجوع في الهبة في التشريع التونسي و تأثيرها على استقرار المعاملات



dourouby.tn





 




الرجوع في الهبة في التشريع التونسي و تأثيرها على استقرار المعاملات


اعداد: السيدة فاتن بن حسن
متفقد رئيس و كاهية مدير الترسيمات بالديوان الوطني للملكية العقارية بتونس




المقدمة

dourouby.tn

 

“ تهادوا تحابوا “

من منطلق الحديث النبوي الشريف تتمتع الهدية بأهمية كبرى حيث ترتكز على فعل الخير ومد يد المساعدة للأخر والحث على الاحسان هاته الخصال النبيلة المذكورة في القران والسنة تجعل من الهبة قيمة أخلاقية واجتماعية وتبرعية مما يجعلها تحتل صدارة العقود الناقلة للملكية وهي من الاعمال المضمنة في الأحوال الشخصيةبالنسبة للقانون التونسي وقد بوبها المشرع ضمن مجلة الأحوال الشخصية  بمقتضى القانون عدد17 لسنة 1964 مسايرا في ذلك القانون الفرنسي الذي يعتبر الهبة  من المسائل المتعلقة بالميراث لما لها من ارتباط بالعلاقات الاسرية فجل عقود الهبة تسري بين الأقارب سواء كانوا ازواجا ام اصولا وفروعا او اسلافا واعقابا ام غيرهم من صلة القرابة حيث ان المشرع التونسي افرد عقد الهبة بالمعلوم القار في التسجيل الجبائي في الحالات المنصوص عليها قانونا  لما لها من بعد انساني. 

عرف المشرع التونسي الهبة ضمن الفصل 200 من مجلة الأحوال الشخصية بانها عقد بمقتضاه يملك شخص اخر مالا بدون عوض. وتبعا لما لعقد الهبة من  خطورة على الذمة المالية للواهب الذي يتجرد من ماله دون عوض  فقد تشدد المشرع في تحديد اركان تكوين عقد الهبة واشتراط الشكلية لصحة قيامها قصد حماية الواهب والتأكيد عليه بانه يقوم بعمل خطير يؤدي حتما الى إنقاص ذمته المالية ويتسم النظام القانوني لعقد الهبة بالشمولية اذ استند المشرع في تقنينها الى قواعد الفقه الإسلامي خاصة المذهب الحنفي و المالكي.مع ذلك فالمتأمل في النصوص القانونية المنظمة لعقد الهبة يلاحظ انها وردت مقتضبة ثلاثة عشر فصلا فقط لتنضيمها من الفصول 200 الى 213 من مجلة الاحوال الشخصية و يستشف ذلك من الإحالة الى القواعد العامة الواردة بمجلة الالتزامات والعقود من جهة ومن جهة ثانية اعمال قاعدة القياس كلما كان الامر جائزا. باعتبار الهبة من الاعمال التبرعية فهو عقد ملزم خاضع لشكلية الحجة الرسمية  صلب الفصل 204 من مجلة الأحوال الشخصية هذه الشكلية توفر حماية للواهب اذ تمكنه من التفكير والتأمل وتجنبه الاندفاع وتجبره على التريث كذلك حماية اسرة الواهب كما تحمي الموهوب له وتمكنه من وسيلة اثبات قاطعة(لا تقبل الطعن الا بالتدليس ) .كما اخضع المشرع ضرورة ترسيم عقد الهبة بالديوان الوطني للملكية العقارية بالنسبة للعقارات المسجلة للاحتجاج بها على الغير وبما ان الهبة عقد عيني مثلما نص عليه الفصل 201 من مجلة الأحوال الشخصية فالتسليم ركن صحة العقد هاته الحماية  التي وفرها المشرع للواهب تمتد الى مرحلة متقدمة فقد يطرا على الواهب احداث جديدة تجعله في أمس الحاجة الى ما وهبه وهنا لا بد من الإشارة الى اهمية عقد الهبة فمن ناحية حماية الواهب ومن ناحية أخرى ضرورة التأكيد على استقرار المعاملات

اذ المبدأ هو تنفيذ عقد الهبة بعد استكمال جميع شروطه والاستثناء إمكانية الرجوع في الهبة وفقا للحالات المبررة للرجوع  والرجوع لغة يطلق على عدة معان منها الرد و النقض اما  قانونا فحق الرجوع هو حق يخول صاحبه الرجوع على الشيء الموهوب انتقلت ملكيته الى الغير لسبب من الأسباب التي نص عليها القانون والرجوع يكون اما رضائيا ونلاحظ صمت المشرع التونسي عن الرجوع الرضائي في الهبة يفسر ذلك ان مسالة الرجوع بالتراضي في الهبة لا يثير اشكالا طالما انها وليدة إدارة الطرفين  المتعاقدين وفقا لأحكام الفصل 242 من مجلة الالتزامات والعقود الذي ينص انه ما انعقد على الوجه الصحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاقدين ولا ينفسخ ال برضائهما او في الصور المقررة بالقانون. او قضائيا وفقا للشروط التي حددها المشرع بالفصول 209 الى213 من مجلة الأحوال الشخصية حيث أكد على الصبغة الاستثنائية للرجوع في الهبة. وفي هذا الإطار سنتعرض *في جزء اول الرجوع في الهبة وفي جزء ثان اثار الرجوع في الهبة ثم في جزء ثالث النظام القانوني للرجوع في الهبة


الرجوع في عقد الهبة (I

نظرا للصبغة الاستثنائية للرجوع في عقد الهبة لم يعر المشرع اهتماما للرجوع  الرضائي في عقد الهبة في حين أكد صلب الفصول 210و211 من مجلة الأحوال الشخصية على ضرورة الحصول على حكم قضاءي في حالات محددة حصرا وهوالرجوع القضائي للهبة. كما تتطرق المشرع الى الموانع التي تحول دون الرجوع في الهبة.

                                     

ا. الرجوع الرضائي في عقد الهبة 


بالرجوع الى احكام القانون الوضعي نتبين انه يوجد صمت تشريعي في خصوص الرجوع الرضائي في الهبة بخلاف القوانين المقارنة التي اقرت مبدا الرجوع بالتراضي كالقانون المصري في مادته 500 فقرة أولى’’ يجوز للواهب ان يرجع في الهبة اذا قبل الموهوب له ذلك.’’ في حين ان الفصل 213 من مجلة الأحوال الشخصية يستعمل عبارة الاتفاق على الرجوع مما يحيلنا الى تطبيق الاحكام العامة للإقالة الاختيارية طبق للفصل 414 من مجلة الالتزامات والعقود فيرجع المتعاقدان الى ما كانا عليه قبل الهبة وليس لهذا الأثر الرجعي ان يضر بحقوق الغير الذي اكتسب حقا عن حسن نية فيما وقعت فيه الإقالة والغير الذي حماه القانون هو الغير حسن النية ويعنبر كذلك إذا كان جاهلا بإمكانية رجوع الأطراف في الهبة رضائيا ويتم تقدير حسن النية زمن تلقي الحق.

في غياب الرجوع الرضائي في الهبة يمكن للواهب الاتجاه الى القضاء و الحصول على حكم قضائي في حالات محددة حصرا 

ب. الرجوع القضائي في عقد الهبة 

لئن تأثر المشرع التونسي بالمذهب الحنفي الذي أجاز مسالة الرجوع في الهبة على أوسع نطاق فان تأثره يبقى جزئيا طالما وانه لم يجعل إرادة الواهب مطلقة بل حصرها في حالات معينة وفي غياب موانع معينة اذ حدد الاعذار المقبولة 

قانونا في ثلاث حالات نص عليها الفصل210 من مجلة الأحوال الشخصية وهي الجحود 1 وعجز الواهب الانفاق على نفسه او على من تجب عليه نفقتهم 2 وان يرزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا الى وقت الرجوع 3

dourouby.tn

 

1 جحود الموهوب له

بما ان الهبة احسانا وابتغاء لنيل مرضاة الله تعالى يتولى الواهب من خلالها مد يد المساعدة للموهوب له دون ان ينتظر عوضا دنيويا في مقابل ذلك الموهوب له ملزم بالاعتراف بالجميل فاذا جحد جاز للواهب الرجوع في الهبة و اعتبرالمشرع في الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية الجحود عذرا مقبولا في الرجوع ولكن لم يحدد مظاهره اذ ورد بالفصل 210 إذا أخل الموهوب له بما وجب عليه نحو الواهب بحيث يكون هذا الاخلال جحودا كبيرا منه.

قد تقترن الهبة بشروط وتكاليف معينة  يقع تضمينها صلب حجة الهبة يجوز للواهب في هذه الصورة الرجوع على أساس وجود التزام قانوني اعمالا لقاعدة ما انعقد على الوجه الصحيح يقوم مقام القانون  ما عبر عنه الفصل 200 من مجلة الأحوال الشخصية يجوز للواهب دون ان يتجرد عن نية التبرع ان يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين ويسمى هبة عوض عكس المشرع الفرنسي الذي نص بمادته955 من المجلة المدنية الفرنسية على هذا الالتزام وعبر عنه بObligation de reconnaissance

اعتبارا ان صيغة النص جاءت مطلقة فصل210م ا ش  فان الجحود يأخذ بمعناه الواسع ويشمل الاخلال بالواجبات الأدبية والالتزامات القانونية فخطورة الجحود تقديرها موكول للقاضي يكيف الاخلال بالواجب ما إذا كان يشكل جحودا كبيرا على معنى الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية وله وحده تقدير طبيعة الأفعال المنسوبة الى الموهوب له وتجدر الإشارة ان هناك شح فقه القضاء التونسي في توضيح معنى الجحود الخطير خلافا لفقه القضاء المقارن الذي نفى هذا الشرط في حالات عديدة  منها قرار صادر عن محكمة التعقيب الفرنسية التي اعتبرت غياب عنصر الخطورة في فعل الموهوب له الذي عنف الواهب بدفعه بقوة او استعمال السب والشتم وذلك لاختلاف الديانات والأعراف حيث لو عرض الملف على القاضي التونسي ربما اعتبر ذلك جحودا خطيرا ولكن ما استقر عليه فقه القضاء الذي كرس3 حالات للجحود وهي الاعتداء على حياة الواهب سواء كفاعل أصلي او مشارك او كشاهد زور مما يؤدي الى إيذاء الواهب بحيث يشكل جحود كبيرا متى كان عن قصد ولا بد هنا من تنقيح الاحكام المتعلقة بالهبة والتنصيص صراحة على نوع الأفعال المعتبرة جحودا في القانون، كذلك التعدي على شرف الواهب وأمواله فالسب والثلب والقذف وغيرها من الاساءات للواهب تعتبر جحودا خطيرا ولكن المحاكم التونسية تكتفي بالبحث عن مدى ثبوت اعتداء الموهوب له على الواهب دون الرجوع الى ملابسات الاعتداء وهذا ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف بصفاقس وساندتها محكمة التعقيب في ذلك حين اعتمدت على احكام جناحية غير باتة صادرة ضد الموهوب له واعتبرت ان اعتداء الموهوب له على الواهب بالعنف جحودا خطيرا يؤدي الى الرجوع في الهبة.

*عدم إنفاق الموهوب له على الواهب يعتبر جحودا خطيرا مؤيد بحكم نفقة:

اشترط جل الفقهاء وجوده لأثبات عدم الانفاق. ننتهي الى القول ان الجحود الخطيرموكول الى السلطة التقديرية للقاضي الذي يصنف الفعل الصادر عن موهوب له ان كان يمثل إساءة للواهب ام لا.

                         

2.اعسار الواهب

حدد المشرع التونسي في الفقرة 2 من الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية حالة اعسار الواهب التي تبيح له إمكانية الرجوع في الهبة باعتبار ان الواهب يمكن ان  يتعرض الى ضائقة مالية بعد ابرام عقد الهبة وذلك بفقده مورد رزقه حيث يصبح عاجزا على الانفاق عن نفسه وعمن وجبت عليه نفقتهم ، فعجز الواهب الانفاق عن نفسه نتيجة الهبة او لأي سبب اخر لا علاقة له بالهبة  لفقده  عمله،مثلا كذلك عجز الواهب الانفاق على غيره ممن تجب عليه نفقتهم فيكون على قاضي الموضوع تكييف الضائقة المالية التي يدعيها الواهب حسب سلطته التقديرية والجزم ان كانت ضائقة تخول له الحكم بالفسخ والرجوع في الهبة معتمدا في ذلك على وسائل والقرائن المدلى بها من طرف الواهب كصدور حكم نفقة ضده اما إذا كان الواهب معسر قبل ابرام عقد الهبة ووهب ماله فان القانون لا يخول له الرجوع في هبته في تلك الحالة وتجدر الملاحظة الى ان بعض الفقهاء الفرنسين اعتبروا ان الواهب يضل دائما له حق الرجوع في هبته بسبب اعساره الا في صورة ما إذا تنازل عنه باعتبار ان الموهوب له ابدى استعداد للإنفاق عليه اما بالنسبة للقانون التونسي فزمن تحديد العجز عن الانفاق مهم اذ ذكر بال فقرة2 من الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية من خلال عبارة’’ أصبح’’ أي ان الواهب كان في حالة ميسورة وأصبح غير مقتدر عن الانفاق يجوز له الرجوع في الهبة 


3 :  ان يرزق الواهب ولدا بعد الهبة يكون حيا 


ينص الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية’’ انه يجوز للواهب طلب الرجوع في الهبة.......3) ان يرزق  الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا الى وقت الرجوع’’.

كثيرا ما يكون الواهب الذي يقدم على هبة ماله ليس له ولدا يرثه وحيث الحال ما ذكر إذا رزق الواهب بمولود كان محروما منه وتولى القيام بدعوى قصد الرجوع في الهبة حكم له القاضي بالفسخ طالما ان الولد له أولوية الانتفاع بالمال الموهوب اذ الأرجح ان فكرة مصلحة الطفل والعائلة أقرب الى روح التشريع لذلك فقد جعل القانون ولادته سببا مبررا للرجوع في الهبةوقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم "انك ان تذر ورثتك اغنياء  خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس" راوه البخاري  وذلك بتوفر شرطين :

_اولهما :

ولادة طفل بعد الهبة وذلك لا يقتصر على المعنى البيولوجي بل يشمل مفهوما أوسع كان يمن الله على الواهب ولدا كان ذكرا ام انثى سواء بالولادة الطبيعية او بالتبني او بظهور ابن كان غائبا عنه غيبة يحتمل فيها الموت وهو ما نصت عليه اغلب التشاريع العربية. وبالرجوع الى فقه القضاء التونسي نجد المحاكم التونسية طبقت نص الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية فقرة 3 حرفيا دون اجتهاد منها حيث اعتبرت محكمة التعقيب بان الفقرة 3 من الفصل 210 يشترط ان يرزق الواهب ولدا بعد الهبة يظل على قيد الحياة الى وقت الرجوع في الهبة ونفس الاتجاه اتخذته محكمة الاستئناف بسوسة في قرارها المدني عدد 26666 الصادر بتاريخ 19 جوان2000 وهو ما طبقه قضاة الأصل بالحكم الاستئنافي عدد 1653الصادر عن المحكمة الابتدائية بزغوان بتاريخ 22 جانفي 1999 وايدته محكمة التعقيب.

ثانيهما :

بقاء الطفل حيا الى وقت الرجوع في الهبة.إذا لم يرزق الواهب بالولد بعد او كان جنينا او توفي قبل القيام بالدعوى او قبل الفصل فيها استحال الرجوع خلافا للقانون الفرنسي الذي يسمح للواهب بالرجوع في هبته  اثناء فترة الحمل حتى وان كان لا يزال جنينا وولادة الطفل حيا يحد من السلطة التقديرية للقاضي كما الشأن في عذري الجحود والعجز عن الانفاق. ننتهي الى القول ان المشرع حدد بصفة حصرية الاعذار المقبولة للرجوع في الهبة فانه توجد موانع تمنع الرجوع في الهبة رغم توفر احدى الاعذار المقبولة. 


موانع الرجوع في الهبة(II

dourouby.tn

 

حدد المشرع التونسي صلب الفصل 212 من مجلة الأحوال الشخصية الموانع  القانونية التي تبيح إمكانية الرجوع في الهبة فلا يجوز طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية :

_اولا إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة ثمنه.   

_ثانيا إذا فوت الموهوب له في الشيء الموهوب ثم إذا اقتصر التفويت على بعض الموهوب جاز للواهب ان يرجع في الباقي. 

_ثالثا إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له سواء كان الهلاك بفعل او بحادث أجنبي لا يد له فيه او بسبب الاستئصال فاذا لم يهلك بعض الشيء جاز الرجوع في في الباقي.

هاته الموانع جاءت على سبيل الذكر مما يخول اعتماد موانع أخرى خاصة وان الهبة مستلهمة في الأصل من احكام الفقه الإسلامي الذي يعتبر المصدر الأساسي الذي استقى منه المشرع التونسي القواعد المنظمة لعقد الهبة بصفة عامة وهنا نشيرالى المذهب الحنفي الذي اعتمد سبع موانع وهي :

_اولا   هلاك العين الموهوبة او استهلاكها في يد الموهوب له فلو هلك البعض او استهلك كان للواهب الرجوع في الباقي

_ثانيا  خروج العين الموهوبة خروجا كليا فلو خرج البعض كان للواهب الرجوع في المتبقي.

_ثالثا  الزيادة في العين الموهوبة زيادة متصلة توجب الزيادة في قيمتها ولا  عبرة بزيادة السعر فقط ولا بالزيادة المنفصلة سواء تولدت من العين الموهوبة أولا.

_رابعا  العلاقة الزوجية فلو وهب أحد الزوجين للأخر شيئا فلا رجوع له فيه سواء وقعت الهبة قبل الزفاف او بعده و سواء وقعت الفرقة بعد الهبة او لا , واذا وقعت الهبة قبل عقد النكاح ثم طرأت الزوجية كان للواهب ان يرجع في هبته.

_خامسا  موت الواهب او الموهوب له بعد قبض الهبة

_سادسا  العوض المضاف من الموهوب له عن الهبة اذا قبضه الواهب .

_سابعا  القرابة المحرمية سواء كان القريب مسلما او كافرا اذا كان القريب محرما ذا رحم فاذا كان ذا رحم غير محرم او محرما غير ذي رحم او صهرا كان للواهب الرجوع.

وبالرجوع للفصل 212 من مجلة الأحوال الشخصية التي حدد بها المشرع الموانع وهي’’ زيادة الموهوب زيادة متصلة والمقصود بالزيادة المتصلة تلك التي تزيد في قيمة الشيء الموهوب سواء كانت زيادة متولدة من الاصل أو لا يعلل ذلك  انه من ملك شيئا ملك جميع نمائه ’’ فالنماء ناشئ من ملكه بالتالي تكون الزيادة ملكا خاصا للموهوب له ولا حق للواهب فيها وانما حقه ثابت في الأصل وله حق الرجوع فيه وحده ولكن عملية استرداد الواهب للأصل حتما ستضر بالموهوب له في خصوص ماتولى بناؤه وغرسه لذا لا يجوز الرجوع في الموهوب لأنه من المستحيل فصله عن الزيادة لذا يمنع الرجوع في الكل. ويظل المنع قائما طالما كانت الزيادة موجودة اما إذا زالت مثل إزالة البناء فانه يجوز للواهب الرجوع في هبته إذا ما توفرت أحد الاعذار المقبولة للرجوع الواردة صلب الفصل 210 من مجلة الأحوال الشخصية.نتيجة لذلك وبحدوث هذه الزيادة يتعارض حقان حق الموهوب له في الزيادة وحق الواهب في الرجوع وحقيقة الملك اقوى من الرجوع فترجح عليه وبذلك يمنع الرجوع.


تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب  


ان المقصود بالتصرف في الموهوب هو التفويت فيه وذلك بان يخرجه من ملكه باي سبب من الأسباب الناقلة للملكية كالبيع فاذا فوت الموهوب له استحال على الواهب الرجوع في هبته وان توفر لديه عذر مقبول  الا إذا كان التفويت غير نهائي ومقترن بشرط فسخي وتحقق ذلك الشرط وفسخ العقد جاز حينئذ للواهب ان يرجع في هبته.ويعد مانع التفويت في الهبة حماية للغير الذي انتقلت اليه الملكية وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها عدد65949 المؤرخ في 27 افريل 1999 اذ اعتبرت التفويت مانع للرجوع في الهبة رغم تمسك الواهب بصورية العقد هلاك الشيء الموهوبجاء بالفقرة3 من الفصل 212م ا ش’’ لا يجوز الرجوع في الهبة ... إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له سواء كان الهلاك بفعله او بحادث أجنبي لا يد له فيه او بسبب الاستعمال فاذا لم يهلك الا بعض الشيء جاز الرجوع في الباقي’’وأساس هذا المنع هو امتلاك الموهوب له الشيء الموهوب عند هلاكه فالمالك لا يضمن هلاك او استهلاك ما يملكه، ولا بد ان يكون الهلاك كلي حتى يمنع الرجوع بسببه اما إذا اقتصر الهلاك على جزء معين جاز للواهب الرجوع في الباقي.لا بد من التفريق بين هلاك الشيء بفعل الموهوب له او بسبب أجنبي لا يد له فيهفوجب التعويض في الصورة الأولى اما إذا حصل الهلاك بسبب أجنبي فالموهوب له معفى من التعويض. 

علاوة على ذلك يمكن إضافة موانع أخرى منها ما جاء بالفصل209 م ا ش الذي تعرض للرجوع المسبق للهبة’’ إذا اشترط الواهب انه يرجع في هبته ان شاء فالهبة صحيحهوالشرط باطل وذلك حفاظا على حقوق الموهوب له الثابتة وخشية المساس بالقوة الملزمة للعقد واستقرار المعاملات أبطل المشرع مثل هذه الشروط.  كذلك هبة العوض فقد نص الفصل 200م ا ش في فقرته الثانية ’’ يجوز للواهب دون ان بتجرد عن نية التبرع ان يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين يسمى بهبة العوض. 

ان الرجوع المشروط وهبة العوض لا يمثلان الماتعان المنفردان خارج احكام الفصل 212 م ا ش للرجوع في الهبة بل كذلك موت أحد المتعاقدين يمثل مانعا للرجوع وهو حق لا ينتقل الى الورثة الا في حالات استثنائية ذكرت بالفصل 211م ا ش فقرة2’’ لا ينتقل الحق الى ورثة الواهب الا إذا سبق منه القيام بدعوى الرجوع او إذا توفي قبلمرور عام من حصول الجحود’’  هذا المنع يعود الى الطبيعة الشخصية لعقد الهبة.

كما لا يجوز للواهب عند موت الموهوب له الرجوع في هبته والقيام ضد الورثة ذلك ان حق الورثة على الموهوب قد ثبت بالميراث.

في صورة عدم الاتفاق رضائيا جاز المشرع للواهب القيام بدعوى قضائية لاستصدار حكم بات ونهائي يقضي بالرجوع في الهبة وهذا يدعونا الى دراسة النظام القانوني للرجوع في الهبة.   

الجزء الثاني  : النظام القانوني للرجوع في الهبة

         

 dourouby.tn

ان وجود الحق يقتضي حمايته للتمتع به لاستناده الى القانون وتعتبر الدعوى الوسيلة(II) و اثار الرجوع (I) القانونية لحماية حقوق الافراد لذا سندرس دعوى الرجوع  دعوى الرجوع في الهبة(I 

ا/  أطراف الدعوى

نظرا للصبغة الاستثنائية لدعوى الرجوع في الهبة ولطابعها الشخصي فان إقامة الدعوى تنحصر في الواهب ولا تنتقل الى ورثته الا في حالتين استثنائيتين.

_الواهب وحده له الحق في القيام بدعوى الرجوع باعتباره الوحيد الذي يقدرالاعتبارات التي يراها مبررا لذلك لاتصال الحق بإرادته فله الاختيار اما معاقبة الموهوب له على نكرانه للجميل وجحوده من خلال ممارسة دعوى الرجوع في الهبة او الصفح عنه وتجاوز تلك الإساءة بتخليه على اجل العام دون رفعه للدعوى او من خلال عمل يدل على الصفح.

_ ورثة الواهب ان الحق في إقامة الدعوى بسبب الجحود مقتصر على الواهب ولا ينتقل الى الورثة الا بتوفر شرطين أولهما ان يكون الواهب قد سبق له القيام بالدعوى لكن توفي اثناء التقاضي و هنا من الطبيعي ان ينتقل الحق للورثة لمواصلتها تعبيرا منهم عن إرادة مورثهم .

الشرط الثاني ان يتوفى الواهب قبل مرور اجل عام من حصول الجحود يحق للورثة القيام بالدعوى على أساس ان مورثهم لم يتمتع بالوقت الكافي لكي يعلم بالجحود و يمارس ذلك الحق لكن الموت منعه وبالتالي سيحقق الورثة له ارادته المفترضة لو علم بالجحود تطبيقا للفصل 211 م ا ش  فقرة2 ’’ لا ينتقل هذا الحق الى ورثة الواهب الا اذا سبق منه القيام بدعوى الرجوع او اذا توفي قبل مرور عام على حصول الجحود ’’

نلاحظ ان المشرع اقتصر على قيام الورثة بدعوى الرجوع في الهبة من اجل الجحود فقط وضيق عيهم القيام بالدعوى في صورة توفر عذري  ان يرزق الواهب بولد و حالة العجز حتى يؤكد الطابع الشخصي والاستثنائي لدعوى الرجوع حماية واستقرارا للمعاملات وحتى تنتج الهبة اثارها القانونية دون المس بحقوق الغير  الموهوب له

ان دعوى الرجوع من اجل الجحود دعوى شخصية تقترب من الدعوى الجزائية فهي بمثابة’’ العقوبة الشخصية’’ للموهوب له وبما ان عقد الهبة عقد قائم بين الواهب و الموهوب له فلا يمكن القيام الا ضد هذا الأخير دون ورثته استنادا الى ان حق الورثة على الشيء الموهوب قد ثبت بالميراث وهو الراي السائد في الفقه الإسلامي.على انه يرى البعض الاخر من الفقهاء إجازة مواصلة الدعوى ضد الورثة لان القانون منع اثارة الدعوى ولم يمنع من مواصلتها وبالرجوع الى القواعد العامة خاصة الفصل ين241و243 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية يجوز مواصلة الدعوىضد الورثة باعتبارهم غير مستهدفين بصفتهم الشخصية ولكن باعتبار انتقال الذمة المالية للموهوب له بعد وفاته إليهم.

كل هذا في إطار احترام الآجال المنصوص عليها قانونا.

ب/  اجال القيام في دعوى الرجوع في الهبة 

اقتصر المشرع على وضع اجال القيام بدعوى الرجوع في الهبة من اجل الجحود فقط 

فيما سكت عن بقية الاعذار فنص الفصل 211 م ا ش فقرة1’’ حق القيام بطلب 

رجوع الهبة بسبب الجحود يسقط بمضي عام من يوم حصوله او من اليوم الذي من 

شانه ان يحصل فيه العلم للواهب بالجحود وعلى كل حال يسقط حق القيام بعد 

انقضاء عشرة أعوام من يوم حصوله’’ 

ويثبت الجحود من خلال حكم النفقة او حكم في العقوق وحصول الجحود واثباته 

موجب للقيام بالدعوى في اجل عام من حصوله او من اليوم الذي من شانه ان يحصل 

فيه العلم للواهب بذلك الجحود على ان لا يتجاوز ذلك الاجل عشرة اعوام 

ويهدف المشرع من خلال تحديده لأجال القيام للحفاظ على الاستقرار التعاقدي 

ذلك ان عشرة أعوام تعتبر كافية بالنسبة للواهب لتحديد موقفه من جحود الموهوب 

له او الصفح عنه اما   بالنسبة للحالات الأخرى يرى بعض الفقهاء ان الآجال المقررة 

بالفصل 211 م ا ش ولئن جاءت لحالة الجحود فقط فان مفعولها يسري على بقية 

الحالات.

وينتج عند توفر شروط دعوى الرجوع اثار سواء بين الطرفين المتعاقدين او إزاء الغير 

 اثار الرجوع في عقد الهبة (II

ينص الفصل 213 م ا ش على انه’’ يترتب على الرجوع في الهبة ان تعتبر الهبة كان لم تكن ’’.

ان الرجوع في الهبة جزاء خاص لا يجب خلطه مع جزاءات أخرى في القانون المدني من 

حيث الاثار كالفسخ والبطلان او الانفساخ.

 (ب) عما هي عليه بالنسبة للغير  (ا) و بالتالي تختلف اثار الرجوع بين المتعاقدين

ا_ اثار الرجوع في الهبة بين المتعاقدين

لا يكون الرجوع في الهبة تاما الا من تاريخ الاتفاق على الرجوع بواسطة حجة رسمية او من تاريخ صدور حكم قضائي نهائي وبات بقضي بفسخ الهبة لعذر مقبول ووقوع 

الاعلام به وهذا من شانه ان يحمل التزامات متبادلة بين الطرفين حتى يعود الامر الى

 ما كان عليه قبل وقوع الهبة.

يكون الموهوب له ملزم برد الشيء الموهوب منقولا او عقارا على الحالة الموجود 


عليها يوم الرجوع الا إذا وجدت موانع تحول دون ارجاعه كحالة التفويت الكلي او 


هلاكه المنصوص عليها بالفصل 212 م ا ش


 كما ان الموهوب له مطالب برد الثمرات حيث


نص الفصل 213 م ا ش في فقرته الثانية’’ ولا يرد الموهوب له الثمرات الا من وقت


الاتفاق على الرجوع او من وقت رفع الدعوى’’ وهذا يعني ان ثمرات الشيء الموهوب 


تبقى على ملك الموهوب له الى يوم التراضي او التقاضي سواء كانت الثمار طبيعية او


 محدثة او صناعية كالمحاصيل الزراعية او ثمارا مدنية ويرى بعض الفقهاء ان 


الموهوب له يلتزم برد الثمرات لا من تاريخ الاتفاق على الرجوع فقط بل من تاريخ 


توثيق ذلك بحجة رسمية عملا بمبدأ توازي الصيغ والإجراءات. 


خلافا لذلك فان الموهوب له ملزم برد الثمرات من تاريخ رفع الدعوى وهذا الموقف 


فيه اجحاف كبير في حقه طالما لم يصدر حكم نهائي غير قابل للطعن يفقده صفة 


المالك للموهوب


 اما بالنسبة للالتزامات المحمولة على الواهب اكدها الفصل 213 م ا ش في فقرته الثانية على انه للموهوب له" ان يرجع بجميع ما أنفقه من مصاريف ضرورية اما المصاريف النافعة فلا يجوز الرجوع فيها الا بالقدر الذي زاد في قيمة القدرالموهوب"  


نشير ان هناك مصاريف ضرورية لحفظ الشيء الموهوب وصيانته وتقديرها موكول 


للقاضي الذي يقرر ما يراه مناسبا لجميع المصاريف بما فيها طريقة الوفاء بها.


طالما ان الفصل 213 م ا ش كرس فكرة الأثر الرجعي لجزاء الرجوع في الهبة فلا بد من 


البحث عن اثر الرجوع إزاء الغير.


اثار الرجوع في الهبة بالنسبة للغير (ب


أراد المشرع حماية حقوق الغير الذي تعامل مع الموهوب له اذ اقر بالفصل 210 


الفقرة 2 من مجلة الأحوال الشخصية" يجوز للواهب مع مراعاة حقوق الغير 


المكتسبة قانونا الرجوع في هبته" فاقر مبدا عدم الاحتجاج بالرجوع في الهبة على الغير


 ويمكن تعريف الغير بانه كل شخص لم يشمله الأثر النسبي للعقد أي كل شخص لم 


يكن متعاقدا ولا ممثلا ولا وارثا ولا خلفا عاما او خاصا.


ان عدم الاحتجاج في الرجوع في الهبة يسري على جميع الحالات سواء تم الرجوع 


قضائيا او رضائيا والهدف من ذلك حماية الغير سواء كان الموهوب عقارا او منقولا الا 


انه إذا كان اعقار مسجلا ولم يقم المشتري من الموهوب له بترسيم شرائه فيبقى 


الواهب محتفظا بحقه في الرجوع عملا بأحكام الفصول 305و373 مجلة حقوق عينية


 والفصل 204 م ا ش ضرورة ان الحق العيني مرتبط بترسيمه بالديوان الوطني للملكية


 العقارية.


والغير الذي حماه القانون هو الغير حسن النية الجاهل لوجود عذر مقبول للرجوع في 


الهبة حين تلقيه الحق وغير متواطئ مع الموهوب له لمنع الواهب من القيام بدعواه


وقد يسهل على الواهب اثبات سوء نية الغير إذا قام بترسيم قيد احتياطي طبقا للفصل 


366 من مجلة الحقوق العينية وبهذا الترسيم تنفى قرينة حسن النية وتصبح سوء 


النية هي المفترضة حتى وان كان الغير جاهلا فعلا لوجود قيد احتياطي مرسم


وبالتالي فان اثبات سوء نية الغير تحرمه من الحماية ويمكن للواهب استرداد 


الموهوب.  




ننتهي الى القول ان عقد الهبة لئن كان عقد تبرع فهو عقد ملزم وبالتالي لا يجوز للواهب


 ان ينقض حكمها بإرادته المنفردة حفاظا على استقرار المعاملات وان حق الرجوع في 


الهبة يعتبر استثناء لا يجوز التوسع فيه  

dourouby.tn

 






 


    




 








   


 


  




 




 


         


     












  


 




   


 


  


        






   


 
























     






   


























dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --